Tuesday 3 July 2012

ولـنــا في الـثــورات عِبـْرة .. رؤيـة واقعية لحل المأسـاة السـورية


 لقد شهدت المنطقة العربية مطلع عام 2011 م تطورات غيرت شكل الشرق الأوسط وحركت الركود السياسي والاجتماعي السائد في منطقة لطالما كانت تعيش استقراراً في معظم بلدانها، ومع تسارع الأحداث بعد انطلاق أول شرارة لما عرف لاحقاً بالثورات العربية، خطفت تلك المستجدات الأضواء الإعلامية بتصدرها قائمة الأخبار الدولية وحولت أنظارالعالم إلى قضايا تتعلق بشعوب لم يعتبرهم ساسة الدول الكبرى يوماً محوراً فاعلاً في بلدانهم ومحيطهم، ولم يكترثوا للإهتمام بشؤونهم بل على العكس كانوا أكبر الداعمين للأنظمة القمعية المتسلطة على حساب تلك الشعوب . بدأت معالم مرحلة جديدة ترسم في المنطقة بإنطلاق ثورات (التغيير) في عدد من البلدان العربية ، وكان أولها تونس تبعتها بعد ذلك مصر ولحقت بهم ليبيا وصولاً إلى اليمن وانتهى المطاف أخيراً وليس أخراً بثورة في بلاد الشام ثورة الكرامة .

  تفاوتت المدة الزمنية واختلفت طريقة الحل من دولة إلى أخرى .. ففي ثورتي تونس ومصر كان الحراك خاطفاً وسلمياً مما نتج عنه تغيرات رمزية تمثلت بالإبقاء على جوهر النظامين مع تغيير بعضاً من رموزه المشهورة هذا مع وجود اختلافات طفيفة في الشكليات على الرغم من التشابه الكبير بين الثورتين ، وبسبب هذا النوع من الحراك (الخاطف) الذي ترتب عليه بقاء أركان النظام لم يتمكن الثوار من تشكيل جسم شعبي يمثل ثورتهم ويحدث التغيرات الجذرية المرجوة من قيام الثورة .



أما في ليبيا فقد كان الوضع مختلفاً، فمن الأيام الأولى للثورة حصلت انشقاقات كبيرة في الجيش فرضت واقع مواجهة عسكرية مبكرة ، وبعد مرور شهرعلى انطلاق الحراك اتخذ قرار دولي بالتدخل العسكري عن طريق فرض حظر جوي واتباعه بضربات جوية للطيران الحربي تستهدف مواقع محددة وحساسة لنظام القذافي ، وأتى تسليح الثوار كعامل مساعد للحسم على الأرض وانتهى المطاف بفتح طرابلس العاصمة وقتل القذافي بعد 8 أشهر على قيام الثورة ، بعدها دخلت ليبيا في دوامة فوضى من سيحكم البلاد ؟؟ الثوارالذين حرروا الأرض أم ساسة الفنادق ؟؟   


 بالنسبة للثورة اليمنية فكان حراكها سابقاً لمثيلاتها من الإنتفاضات الشعبية ومع انطلاق شرارة ربيع العرب كما يسمى أخذ حراكها زخم نسائم الربيع وامتلأت ساحات البلاد وتحولت المسيرات إلى مليونيات ضخمة، وبلغ الحشد الشعبي ذروته والمطلب المنشود رحيل الرئيس، وبعد شد وجذب توصلت المساعي إلى حل يقضي الإبقاء على منظومة الحكم بكافة الأركان والرموز بإستثناء الرئيس الذي رحل صورياً وسلم السلطة إلى نائبه.


بالنظر للنتائج الأولية للمرحلة الانتقالية في بلدان الربيع العربي التي شهدت ثورات سلمية ، وبعد قراءة دقيقة للواقع يمكننا القول أن أي من تلك الانتفاضات الشعبية السلمية  لم تتمكن من اسقاط نظامها. ففي تونس مايزال المتحكم في مفاصل الدولة وصانع القرار الحقيقي الأمن والجيش، هذا على الرغم من وجود رئيس وبرلمان وحكومة منتخبة. وفي مصر بعد انتخاب رئيسا أصبح الصراع بين الحاكم العسكري الذي يتمتع بأوسع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وبين الرئيس الجديد صاحب الصلاحيات المحدودة الذي يكتسب تأييد قطاع كبير من الشعب . يمنياً فقد تمكن النظام من الإلتفاف على الثورة باسم التغيير بمجيء نائب الرئيس السابق بالتزكية وبذلك استطاع النظام اكتساب الشرعية من خلال إلباس منظومته الباطلة ثوب إرادة الشعب . أما في ليبيا كان الحال مختلفاً حيث تمكن الثوار من اسقاط نظام القذافي ولكنهم واجهوا مشكلة من نوع أخر تمثلت في بروز ثلة من المتسلقين إلى سدة السلطة في البلاد مما تسبب في فوضى  أدت إلى عدم استطاعة هذه السلطة الهشة ضبط الشارع بسبب الفجوة بين من قام بالثورة وبين القيادة السياسية التي فرضت نفسها من بداية الأمر ولم يتم العقد الإجتماعي عليها وقت تأسيسها .


 نحن نؤمن أننا أمة واحدة لهذا يؤلمنا أن نرى إخواننا في ما سبقنا من ثورات قد وقعوا في حفر وفخاخ نصبت لهم لإفشال التغيير الحقيقي الذي يأتي على مراد الشعوب، و دفعهم ذلك التعثر إلى الشعور باليأس والإحباط بسبب أنهم عجزوا عن تحقيق ما كانوا يصبون إليه . لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وبناءً على هذا يجب علينا كسوريين التنبه للأخطار التي أصابت تلك الإنتفاضات وأن نستخلص منها العبر في سبيل تجنب أخطاء هذه التجارب .

 يقول الله تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم ) . فبالنظر إلى عاقبة الثورات السابقة لحراكنا وما ذلك عنا بالزمن البعيد نرى أن السمة السائدة المشتركة بينهم التشرذم والإنقسامات الحادة في المجتمع، الفشل في تحقيق التغيير الجذري المطلوب، عدم استطاعة الحراك الشعبي افراز قيادة تمثله وتحفظ مكتسبات ثورته وتعمل على استكمال أهدافها، بروز المتسلقين بقوة وتصدرهم المشهد على حساب أهل التضحية.  


الحل السوري .. ؟؟؟

                                                                                                                                                                                                 

ولتفادي هذه للأخطار الداهمة المحيط بثورتنا السورية من كل جانب علينا أن نجمع كلمتنا ونوحد صفوفنا ولا يتم ذلك إلا بجمع الشمل الثوري على الأرض ، والسيبل إلى ذلك يكون بتشكيل مجلس تحرير وطني يضم قادة تنسيقيات الحراك الثوري بقيادة المجلس العسكري المشترك للجيش الحر الذي يضم كبار الضباط المنشقين، وينشأ هذا المجلس على غرار اللجنة الفرنسية للتحرير الوطني (حكومة الظل في المنفي) التي تشكلت أثناء الاحتلال النازي سنة 1940 والتي بدورها قادت المقاومة الشعبية من منفاها في لندن، وأصبحت هذه اللجنة في سنة 1944 بعد تحرير فرنسا تسمى بالحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية الخامسة بقيادة الجنرال العسكري شارل ديغول .


ويكون مجلس التحرير بقيادة الجيش الحر بديلاً عن المجلس الوطني قبل سقوط النظام ويهيأ لاستلام المرحلة الانتقالية بعد اسقاط النظام . فهؤلاء الضباط المنشقين يمتلكون خبرات تنظيمية وقيادية تأهلهم من تسلم زمام القيادة بالاضافة إلى قادة منسقين الحراك الثوري المدني على الأرض الذين اكتسبوا خبرتهم من خلال التجارب العملية واستطاعوا تنظيم أنفسهم في ظروف صعبة مكنتهم من العمل تحت الضغط بكفائة عالية.. وهذه الكفائات لا يتمتع بها أي معارض سياسي مدني في الخارج .


هذا الحل يمكننا من تجاوز مشكلة انقسام المعارضة السياسية بإتاحة المجال لإنشاء قيادة من الشعب وإليه تحقق الوحدة في وقت الشدة ..وبتشكيل مجلس موحد كهذا سيُقطع الطريق أمام من يحاول الضحك على لحى الشعب بالدعوى إلى رحيل بشار على ان يبقى أركان النظام الحالي من (أمن وجيش) جزئاً كبيراً في صيغة الحل السياسي لسوريا المرحلة الانتقالية ما بعد الأسد. بالاضافة إلى أن تسلم مجلس التحرير بقيادته القوية سيكون بالمرصاد لقطع دابر من ينتظر انتصار الثورة ليعود إلى سوريا من بوابة مطار دمشق لينزل من على سلم الطائرة ويعبر فوق دماء الشهداء في طريقه وللوصول إلى كرسي الحكم .


في الأونة الأخيرة سمعنا عن تشكيل عدد كبير من الهيئات والمجالس والجبهات ولا يوجد أي جسم معارض من هؤلاء يمثل التوجه الحقيقي للثوار ولذلك لم يحصل أياً منهم على التأييد الشعبي الميداني ..   لذا عندما يولد مجلس كهاذا من رحم الشعب يصبح ضامناً نسبياً في سبيل تجنب فوضى الفراغ الناتجة عن تغيير السلطة ، ومشاركة منسقين الحراك الثوري ممثلين الجانب المدني وقادة المنشقين عن الجانب العسكري يخلق عقداً اجتماعياً متفق عليه  إلى حد كبير مؤيداً من قبل الشعب ، يمنح هذا المجلس امكانية معالجة الإستحقاقات التي ستواجه حاكم الفترة الإنتقالية والتي من أهمها الحفاظ على أمن الوطن الداخلي والخارجي، إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتفعيلها، حماية الأقليات ، ضرب ما تبقى من الفاسدين بيد من حديد، محاكمة كل من ثبت عليه ارتكاب جرائم بحق الشعب، محاربة أي محاولة لأعادة انتاج النظام الساقط ، وهكذا إلى أخره نزولأ بسلم الأولويات بالتدريج .


 لا يمكن لأي حاكم انتقالي يأتي على سوريا تحقيق سبل النجاح بأسباب البشر إلا إذا كان من رحم الشعب ومؤيداً منه بتفويض يمكنه من مزاولة مهامه وسلطاته بإسم الشعب، مما سيعطيه القوة والقدرة المستمدة من الشعب لتجاوز الفترة الإنتقالية العصيبة بأقل الأثمان، والدفع إلى الأمام للعبور بالوطن والمواطن إلى بر الأمان، وبذلك نكون قد أتممنا التحول من تحرير الوطن إلى المرحلة الإنتقالية ومن ثم إلى المرحلة الدائمة المرجوة ...  وفي حال لم يأخذ الثوار (أهل التضحية) زمام المبادرة لتحقيق رؤيتهم لشكل الدولة الجديدة والحفاظ على مكتسبات ثورتهم  التي غرسوا بذرتها فكان الثمن سفك دماءهم وهتك أعراضهم وهدم منازلهم وقتل أولادهم وتدنيس مقدساتهم .. فإذا حصد الزرع غير الزارع .. فعلى الثورات السلام   .. والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق  


رؤية / خالد العظم      

Sunday 1 April 2012

الطائفية..في زمن إزدواجية المعايير



لقد أصبح واضحاً بما لا يدع مجالاً للشك بأن الشيعة في المنطقة من إيران مروراً بالعراق إنتهائاً بحزب الله في لبنان، يشاركون في قتل الشعب السوري بدعمهم النظام مادياً بإيعاز من ايران إلى أزلامها في العراق، من حكومة نوري المالكي دفع عشرة مليارات دولار لتمويل معركة بقاء النظام. بالإضافة للدعم الإعلامي بتجيير الأقنية الفضائية التابعة لهم، عملاً على تحسين صورة النظام المتهالكة، وتبرير جرائمه البشعة، والإدلاء بتصريحات سياسية صادرة عن محور حلفاء النظام تشد أزره وترفع من معنوياته.

أما عن الدعم العسكري، فوِفقاً لوكالات الأنباء العالمية التي أكدت الأخبار المتواترة  الواردة عن مصادر تنسيقيات الداخل السوري ، والتي تفيد وجود قوات من الحرس الثوري الإيراني توفر للنظام الدعم اللوجستي، ومجموعات من جيش المهدي الموالية لرجل الدين الشيعي العراقي مقتدي الصدر، بالإضافة لمشاركة عناصر من حزب الله اللبناني في العمليات داخل سوريا. كل ذلك ليس له مدلول سوى أنه يحمل في طياته دوافع ذات خلفية طائفية واضحة.

 وتقتصر المهمة الظاهرة لهؤلاء على قمع الحراك الداخلى الثائرالمتمثل بثورة الكرامة السورية، حتي أنهم لم يتوانوا و ذهبوا إلى أبعد من ذلك بإعلانهم النفير العام على لسان أحمد جنتي عضو مجلس الخبراء الإيراني قائلاً: "على الشيعة العرب الدخول إلى سوريا والجهاد إلى جوار النظام السوري حتى لا تقع سوريا بأيدي أعداء آل البيت" يقصد بذلك (المسلمين السنة).

 لقد أعلنوها حرباً عقدية واضحة جلية، مبنية على الإصطفاف المذهبي، ومع كل هذا الوضوح لا يجرؤ الإعلام العالمي، والعربي عدا عن المنظمات الدولية، إبراز واقع الحرب الطائفية الممنهجة، والجرائم التي ترتكب على الهوية ضد المسلمين السنة في سوريا. بل يصور هذا المشهد على أنه تحالف سياسي لا أكثر، في المقابل عندما نقف لنبين حقيقة ما يجري من حرب طائفية عنصرية تمارس على الأكثرية السنية في سوريا، وفي غيرها من البلدان العربية من قبل نظام ولاية الفقيه -المتمثل بالهلال الشيعي (ايران- العراق-سوريا -لبنان) في المنطقة- نتهم على منابر الإعلام بإثارة الخطاب العنصري وتعزيز الشرخ الطائفي  ......... مفاهيم ينبغي أن تصحح